المعذره عن انقطاعى امس عن تنزيل باقى احكام التجويد إن شاء الله اليوم نستكملها جميعا
المَدُّ لغةً الزيادة، واصطلاحًا: إطالةُ الصوتِ بحرفٍ مدّي من حروف العلة.
وحروف المد هي: الألفُ الساكنة المفتوح ما قبلها، والواو الساكنة المضمومُ ما قبلها، والياء الساكنة المكسورُ ما قبلها، نحو: قَالَ، يَقُول، قِيلَ. وإنما سُمّيْنَ بحروف المد لأن مدَّ الصوتِ لا يكون في شىء من الكلام إلا فيهن. والألف هي الأصل في ذلك، والياء والواو مشَبَّهتان بالألف.
وينقسم المد إلى قسمين:
1 ـ أصلي: وهو المدُّ الطبيعي الذي لا تقوم ذاتُ الحرفِ إلا به، ولا يتوقف على سبب من همزٍ أو سكونٍ نحو:{الذين ءامنوا وعملوا}، ومقدار مده حركتان.
2 ـ وفرعي: وهو بخلاف ذلك، مد زائد على المد الأصلي بسببٍ من همزٍ أو سكون.
واعلم أنَّ المدَّ مع الهمزة منقسِمٌ على ثلاثة أقسام:
الأول: المد المتصل:
وهو أن يجتمع المدُّ والهمزُ في كلمةٍ واحدةٍ نحو:{والسمآء بنيناها}، و:{من سوءٍ}، و:{وجآءَ}. وسمي متّصلاً لاتّصال الهمزةِ بكلمةِ حرفِ المد. والمد فيه محل اختلاف فعند أبي عمرو وقالون وابنِ كثير مقدار ثلاث حركات (الحركة في المد مقدار طيّ الإصبع أو نشره)، وعند ابنِ عامر مقدار أربع حركات، وعند عاصم مقدار خمس حركات أو أربع وهو الأكثر، وعند ورش وحمزة مقدار ست حركات؛ وهذا يضبط بالمشافهة والتلقي.
الثاني: المد المنفصل:
وهو أن يكون حرفُ المد ءاخرَ كلمة والهمزُ أولَ كلمة أخرى نحو:{يا أيّها الناس}، و:{في أنفسهم}، و:{قالوا ءامنّا}.
وسمّي منفصلاً لانفصال كلّ من المد والهمز في كلمة. وللقراء في مده مراتب؛ ويجوز مده والتوسط فيه والقصر.
الثالث: مد البدل:
هو أن يجتمع المدُّ مع الهمزِ في كلمة لكن يتقدم الهمز على المد نحو:{ءامنوا}، و:{ائتوني}، و:{ءامن}. وحكمه القصر عند كل القراء غيرِ ورش، ولورش فيه المد والتوسُّط والقصر.
أما المد الذي يتوقف على سكون فمنقسم إلى ثلاثة أقسام:
الأول: مد اللين:
وهو مد حرفي اللين وهما: الواو والياء، ويشترط سكونهما وانفتاحُ ما قبلهما نحو: {بيت}، و:{خوف}.
وسميا بذلك لأنهما يخرجان في لين وعدم كلفة، فإن تحركتا فليسا بحرفي لين ولا مدّ.
ويجوز مده والتوسط فيه والقصر في حال الوقف عليه، أما في حال الوصل لا بد من قصره.
الثاني: المد العارض للسكون:
وهو أن يكون ءاخرُ الكلمة متحركًا فيسكَّن للوقف ويكون قبله حرف مدّ ولين وذلك نحو:{تعلمون}، و:{نستعين}، و:{يقول}.
ويجوز فيه ثلاثة أوجه: المد والتوسط والقصر.
الثالث: المد اللازم:
المد اللازم: هو أن يأتي بعد حرف المد حرف ساكن في حال الوصل والوقف.
وينقسم عند القراء إلى قسمين: لازم كلمي منسوب للكلمة، ولازم حرفي منسوب للحرف، وكل منهما إما مخفف أو مثقل.
المد اللازم الكلمي:
هو أن يجتمع السكون الأصلي مع حرف مد في كلمة، وينقسم إلى قسمين:
ـ المد اللازم الكلمي المثقَّل:
وهو أن يكون بعد حرف المد حرف مشدد في كلمة واحدة نحو:{ولا الضالين}، و: {الصاخة}، و:{الحاقّة}، و:{دآبّة}، وفي مقدار مده خلاف، والأرجح أنه يمد ست حركات.
ـ المد اللازم الكلمي المخفّف:
وهو أن يكون بعد حرف المد حرفٌ ساكن نحو:{ءالآنَ} المستفهم بها في موضعين من سورة يونس، ونحو: {ومحيايَ} بسكون الياء عند من سكن. ومقدار مده ست حركات.
المد اللازم الحرفي:
وهو أن يجتمع السكون الأصلي والمد في حرفٍ هجاؤه على ثلاثة أحرف أوسطها حرف مد ولين نحو:{ص}، و:{حم}، و:{ن}.
وينقسم إلى قسمين: مثقل، ومخفف وهو بقسميه يكون في فواتح السور ومنحصر في ثمان حروف ويعبّر عنها القراء بقولهم: "نقص عسلكم"، للألف منها أربعة أحرف وهي:{ص والقرءان}، وكاف وصاد من فاتحة مريم،
و:{ق والقرءان}، و:{ق} من فاتحة الشورى، ولام من:{الم}. وللياء حرفان: الميم من:{الم}، والسين من:{يس}، و:{طسم}. وللواو حرف واحد من:{ن والقلم} فقط. فهذه السبعة تمد مدًّا مشبعًا بلا خلاف.
أمّا العين من فاتحة مريم والشورى ففيها وجهان عند كل القراء: المد وهو أشهر عند أهل الأداء، والتوسط.
(أ) المد اللازم الحرفي المثقَّلُ:
وهو أن يُدغَم الحرف الذي بعد حرف المد كمد اللام إذا وصلت بميم من:{الم}، والسين إذا وصلت بميم من:{طسم} ومقدار مده ست حركات.
(ب) المد اللازم الحرفي المخففُ:
وهو أن يمد الحرف الذي لم يدغم ءاخره بما بعده نحو:{ن}، و:{ق}، و:{ص}، والميم من:{حم}، والكاف والعين والصاد من:{كهيعص} وقد تقدم ذكر ذلك.
أما غير حروف المد الثلاثية من كل حرف هجاؤه على حرفين أو على ثلاثة وليس وسطه حرف مدّ فإنه يمد مدًّا طبيعيًّا بلا خلاف، واستثني من ذلك الألف فليس فيه مد مطلقًا لأن وسطه متحرك.
وهذا النوع أيضًا مذكور في فواتح السور يجمعها لفظ "حي طاهر"، فالحاء من:{حم}، والياء من:{يس}، والطاء والهاء من:{طه} والراء من:{الر} ولا شىء من الألف لما مر.
وخلاصة ما تقدم أن فواتح السور على قسمين:
1 ـ ما يمد مدًّا لازمًا وهو المذكور في: "نقص عسلكم" ما عدا العين ففيها وجهان.
2 ـ ما يمد مدًّا طبيعيًّا وهو المذكور في: "حي طاهر" ما عدا الألف فلا تمد أصلاً.